الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

أسلمة الطاقة - أحمد عمارة

أسلمة الطاقة !
 
أحد أصدقائي قال لي : مشكلتك أنك تحاول أسلمة الطاقة !!!

نظرت إليه بابتسامة وقلت له : أعذرني لم أكن أعلم أن لها دينا ، ترى ما دينها قبل أن أؤسلمهامن وجهة نظرك ؟ 
قال لي : بوذية .
قلت له : ولماذا تبوذها ؟؟ أليست هذه مشكلتك أنك تبوذ الطاقة ؟ وهي نفس المشكلة التي تتهمني بها ؟!!!

أنت ترى أنها لا تنتمي للديانة الإسلامية !
وأنا أرى أنها لا تنتمي للديانة البوذية ! ولا لأي ديانة من الأساس

وكلانا على صواب على فكرة 

الطاقة يا عزيزي شيء كالتليفزيون والكهرباء والماء ، لا دين لها ،، المشكلة تقع في من يلصقها بالدين كي يسهل محاربتها وهو في الحقيقة يحارب كل ما هو جديد !!!

تماما كمن قام بترجمة (يوم الأمهات) (Mothers Day) ترجم كلمة (يوم) على أنها (عيد) كي يحارب (عيد الأم) بحجة (تم برمجته عليها) أن الإسلام ليس فيه أعياد غير عيدين بزعمهم (مع أن كل جمعة عيد أي أن الإسلام أكثر الديانات أعيادا ففيه عيد كل أسبوع إن فقه الشخص عمق الدين وروعته) .. يغاظون إذا ظهر ما يمتع الناس أو يدخل عليهم الفرحة وعلى قلوب الأمهات السعادة وعلى قلوب المحبين الفرحة وغيرهم وغيرهم . ومن قال أن من يهتم بيوم الأم يقوم به كطقس ديني أصلا ! (لو قال لك أحد أن يوم الأم من الإسلام عندها من حقك أن تقول له أن هذا خاطئ) لكن أن تترجمه على أنه (عيد) ليتشابه مع كلمة عيد في الإسلام ، فتظن أنه يقول أنه من طقوس الإسلام ، فتهاجم كلمة عيد  جدال ولخبطة ما بعدها لخبطة .

ثم الغريب أنه في نفس الوقت يترجم (يوم سقوط الأندلس) و(يوم سقوط فلسطين) و(يوم صابرا وشاتيلا) ويوم ويوم ويوم (كل الآلام على مدار التاريخ كي تكون السنة كلها كآبة) ، فيترجمها الترجمة الصحيحة (يوم) وليس (عيد) كي يتذكرونها كل عام فينشر فيه الحزن والألم ، ويستذكرون الأحداث بحذافيرها ولو كان هناك صور كثيرة يتداولونها في هذا اليوم كل عام (مع أن هذه بدعة فلم يتذكر الصحابة يوم أحد ولا يوم حنين أبدا) .. يفعلون البدعة (الحزن والألم) ويؤسلمونها مع أن الله نهى عنها في القرآن (ولا تهنوا ولا تحزنوا) ، ويحاربون الفرحة ويبعدونها عن الإسلام ، من يفعل ذلك يبتغي الضيق ونشر الألم والحزن ويروج له في حقيقة الأمر وقد يكون هو نفسه غير واعي أنه يهاجم الفرح والمتعة ويروج للألم والحزن بسبب (دائرة الارتياح) عنده (Comfort Zone) ، أو أنه لقن أن الإنسان خلق ليعيش في كبد بمعنى تعب ومشقة ومعاناة كما فسرها البعض في الماضي !!

هذا من وجهة نظري تلاعب بالألفاظ كي يطوع ما يصبو إليه (بعلم أو بغير علم)

صديقي العزيز 
أنا عندما أثبت بالقرآن أن الأوكسيجين يقل عند الصعود لأعلى ، فأنا لا أؤسلم الأوكسيجين 
وعندما أثبت بالقرآن أن النمل يتحطم كما اكتشف العلم فأنا لا أؤسلم النمل 
وعندما أثبت بالقرآن أن الأرض كروية كالبيضة تتناقص من أطرافها كما اكتشف العلم فأنا لا أؤسلم الأرض 

أنا أؤمن أن القرآن هو كتاب الله المقروء وأن الكون هو كتابه المنظور ، لذا لابد لأي شيء في الدنيا أن تجد له مدلولا في آية قرآنية ، لا يعنيني أنك لا تعلم هذه المعلومة ، ولا يعنيني أنك لا تفقه أن ربك قال عن القرآن :

"وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ"

لذا فأنا عندما تصلني أي معلومة (من أي مصدر كان ومن أي شخص على وجه الأرض) لا أرفضها بسبب دين الشخص أو سلوكياته أبدا ، وإنما أحاول التبين بالاطلاع على المصادر والأبحاث والنتائج من مختلف المحافل العلمية ، ثم أحاول مزيدا من التأكد أن أتبين من كتاب ربي عنها ، هذا لا يعني أسلمتها ، إن هي إلا أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطان ، أنا أنفذ كلام ربي !!! أنا أنفذ قوله : "فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ"

أصارحك القول أنها كانت نعم البشرى ، فقد صدق الله حين قال : فبشر عباد . فعندما فعلت ذلك تحولت حياتي إلى جنة على الأرض ، جنة لا يتخيل مخلوق حجم وروعة متعتها وراحتها وانشراح صدري فيها .

اعلم أخي الحبيب أنك إن هاجمت ما أفعله بحجة اسم (أسلمة) التي وقعت فيه فأنت في الخفاء تهاجم اتباعي لأمر ربي بالتبين بالقرآن من أي معلومة ! وأنك تريد تنفيذ عكس الآية بأن تترك كل ما في الطاقة بالكامل ، وهذا عكس الآية ، فالآية تحثك على السماع له وأخذ أحسنه ، أنا أخذت أحسنه وأنت تريد تركه كله .. أو أنك ترى في داخلك بحسب معلوماتك الضئيلة عن الدين أن القرآن لم يتطرق للطاقة ! فتنكر آية واضحة في القرآن أو تكفرها بجهل فانتبه ! دعني أكرر لك الآية :

"وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ"

وأزيدك آية أخرى كي يطمئن قلبك :

"مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"

فكتاب ربي (تبيانا لكل شيء) و (تفصيل كل شيء) ،، ترى هل انتبهت لجملة (كل شيء) 

فإن لم تستطع استخراج تبيان وتفصيل الطاقة في القرآن فهذه مشكلتك أنت ليست مشكلتي .

ليست مشكلتي في نقص معلوماتك الدينية ، وليست مشكلتي أنك تلقيت الدين تلقينا فتخاف وتقلق من المعلومات الجديدة ، وليست مشكلتي أنك تهتز ودينك يهتز لمجرد معلومات بسيطة جاءت من خارج الآباء والأجداد بسبب عدم وعيك وتعمقك في الدين بالتدبر والتفكر ، وليست مشكلتي أنك تعلمت أن الدين صعب وأنه عبارة عن أوامر تنفذها غصب عنك وإن لم تفعل فسوف تدخل جهنم وتكوى فيها وبالتالي تخشى الراحة والسعادة والاستمتاع وتظل منفذا للأوامر دون وعي بمعناها وكينونتها المريحة الرائعة .

ليست مشكلتي أنهم برمجوك أن الكفار هم المستمتعون والمؤمنينم الذين يعيشون في الجحيم ومبتلون بكل المشاكل (مع أن هذا عكس كلام القرآن) ، كل هذه مشكلاتك أنت ، فلا تسقط مشكلاتك على كل ما هو جديد .. وإنما اجتهد كي تعرف الأسباب التي أدت لحدوث ذلك لك وأولها أنك تعلمت الدين بالتلقين بلا وعي ولا تدبر أوتفكر (الذي أفعلهم أنا وتحاربني بسببهم بل وتسخر مني كذلك) !!!

على الأقل أنا أنفذ أوامر ربي ، فإن أخطأت فلي أجر ، وإن أصبت فلي أجران ! 
لكن ماذا عنك أنت الذي لا تستطيع أن تتدبر أو تفكر أو تخرج خارج نطاق ما جاء من الآباء والأجداد ، بل وترى نفسك دائما أقل منهم وأنهم أفهم منك ، وأوعى منك ، فتقلل من شأنك دائما ، ولأن القرآن هو تبيان كل شيء فدعني أعطيك الآية التي تصف ما أنت فيه :

"وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ"

ملة إبراهيم هي الحنيفية ، نسف كل المعلومات القديمة وإعادة التفكير فيها بتعمق ووعي فيأخذ الصحيح ويترك الباقي ، لم يكن عنده آنذاك مرجع ومصدر ، أنت عندك اليوم مصدر محفوظ ليوم القيامة ، فبالله عليك لا يجعلوك ممن سفه نفسه وأصبح أسيرا لهم وكأنهم أعلم أهل الأرض .

من يتفكر ويتدبر يرحب دائما بالجديد ، يأخذ منه ما يناسبه (لأنه واع متفكر واثق) يستشعر بشرى الله له ، فيستفيد ويتنعم بالجديد دائما ،، ويترك دائما ما لا يناسب ، يستطيع أن يفعل ذلك وحده بكل حرية (حرية عبادة رب العباد وترك عبادة العباد) ومن تربى على التلقين يقلق من الجديد ويهاجمه ، ولو لم يجد علماؤه السابقين تكلموا عنه يخاف أكثر فيظل دائما أسير القديم وأسيرهم ، وأسير التحذيرات والتنبيهات وكأنما دينه هش يخشون عليه من الضياع ، فيعيش دائما متبعا لآخرين غير واثق قلقان متردد ، يعبد بشرا من دون الله يوجهونه وهو مستسلم لهم (يصبح أسير عبادة العباد) ! بل لا يستطيع أن يفعل شيئا جديدا إلا عندما يقول له بشر (هذا صحيح)  ألغى عقله وأصبح تابعا طوال حياته !

أفق : القرآن تبيان كل شيء ، وتفصيل كل شيء ، لذا كل شيء جديد ظهر أو سيظهر لابد أن يكون له مدلول وإشارة في القرآن ، ومن البديهي أن علماءنا الأفاضل في الماضي لم ينتبهوا له لأنه لم يكن ظاهرا أيامها عندهم ، فليس معنى أنهم لم يتكلموا فيها أن ترفض كل ما هو جديد !!! انتبه ، هم لم يتكلموا أبدا عن الطائرة ولا عن الصواريخ ومركبات الفضاء ، أليس كذلك ؟ لكن تأمل هذه الآية التي تشير "من وجهة نظري" إلى سفن الفضاء "لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ" فها نحن الآن نركب طبقا عن طبق في طبقات الجو العليا يوميا  هل ترى لهذا من أثر في كل كتب السابقين ممن لم يشاهدوا سفن الفضاء أو الطائرات ؟

أفق : الطاقة كالماء والهواء ، من مخلوقات الله ، لا دين لها !!! لكنهم جميعا بنص القرآن يسبحون لله
الطاقة إن استخدمتها في الخير كانت خيرا لك ، وإن استخدمتها في الشر كانت شرا عليك !!

ذكرتني زمان أيام حرموا التليفزيون والكاميرات والدش !!! ثم هم أنفسهم أصبحوا أكثر من يستخدمونهم بعدما فقهوا أن لكل شيء خير وشر !!!

ثم إن لم تكن تفهم ما هي الطاقة فكلف نفسك قليلا وجاهد في سبيل الله (فتبينوا) وادفع أموالا وسافر وتعلمها من مصادرها الحقيقية ثم بعد ذلك انتقد أو حلل ، لكن أن تكون فقيرا (بسبب عدم تنفيذك لكلام الله) جالسا في المنزل تحصل على المعلومات المتناثرة الواهية المليئة بالمغالطات والمجانية المنتشرة هنا أو هناك ثم تحكم بلا تبين وكما يفعل الضائعون الكسالى فهذا خطأ فادح ستحاسب عليه يوم القيامة .. نحن صرفنا آلاف الدولارات ووسافرنا هنا وهناك سمعنا من أغلب المصادر وتبينا كما أمر ربنا ، ففتح الله علينا كما وعدنا في كتابه الكريم . وأغدق علينا من نعمه لأن من أفضل الجهاد جهاد في سبيل العلم والتبين بالمال والوقت والجهد ، فإما أن تفعل كما أمر ربك أو تقل خيرا أو تصمت !

المشكلة في (تصنيفك أنت) وفي الأسماء التي (وضعتها أنت أو وضعوها لك) والتي تم إطلاقها جزافا على من يتبين ويثبت صحة الطاقة من الدين بأنه (يؤسلم الطاقة) ثم بعدها يتم مهاجمة الاسم الذي وضعته أنت (الأسلمة) ،، لكن في الحقيقة مصدر ضيقك أنك أنت نفسك (بوذتها)  فالمشكلة فيك أنت .. وصدقتي ستجد أنك (بوذتها) لأنهم أقنعوك (أنها بوذية) ، لو لم تكن تستمع لهم لكنت تمتعت بها وازداد وعيك بربك ودينك ،، لذا اسمعها مني نصيحة : إن شئت نهلت من هذه المعلومات التي تجعل الحياة جنة وتصحح فهمك للدين عقليا ومنطقيا ، وإن شئت ابتعدت عنها ، ولم تستفد منها شيئا .. وعشت أسير التلقين بلا فقه ، الخيار لك ولنا ، نحن اخترنا وتبينا وارتاح لها قلبنا ، فاتركنا وشأننا لربنا يحاسبنا ، أما الآن فقد جاء دورك في الاختيار.. وأنت السبب .. اختر

أحمد عمارة
أبو ظبي - الإمارات العربية المتحدة
27-04-2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق