الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

كيف تجعل من التوتر صديقا لك؟

كيف تحول التوتر إلى صديق لك!

المتحدثة: Kelly McGonigal خبيرة صحة نفسية

رابط الفلم

http://youtu.be/RcGyVTAoXEU

النص باللغة العربية (بتصرف بسيط):

لدي اعتراف أدلي به .. ولكن قبل أن أبدأ .. أريد منكم أن تعترفوا لي بشيء صغير…

خلال السنة الماضية، من منكم تعرض للقليل من التوتر؟ ارفعوا أيديكم .. حسناً…

ماذا عن مستوى متوسط من التوتر؟ المزيد من الأيدي ترتفع .. حسناً…

ومن منكم تعرض للكثير من التوتر؟ العديد؟ حسناً .. وأنا أيضاً…

ولكن هذا ليس ما أود أن أعترف به…

اعترافي هو أنني خبيرة صحة نفسية، وعملي هو أن أعلم الناس كيف تكون حياتهم أكثر صحة وسعادة، ولكن أخشى أن ما كنت أعلمه خلال العشر سنوات الماضية، كان يسبب الضرر أكثر مما يسبب من فائدة. وكل هذا مرتبط بالتوتر.

لسنوات كنت أقول للناس: التوتر سيجعلك مريضاً.. التوتر يزيد من احتمالية تعرضك لكل شيء بدءا من الانفلونزا الموسمية، وحتى أمراض القلب والشرايين.

ما كنت أقوم به هو أنني جعلت من التوترهو العدو! ولكنني غيرت رأيي مؤخرا في ما يخص التوتر، واليوم سأقوم بتغيير رأيكم أنتم عنه.

دعوني أبدأ بذكر دراسة جعلتني أقوم بتغيير معتقداتي عن التوتر، هذه الدراسة شملت 30,000 بالغاً في الولايات المتحدة، وتم عملها على مدى 8 سنوات كاملة.

بدأت الدراسة بسؤال المشاركين عن نسبة التوتر التي واجهتهم في عامهم الماضي، وسئلوا أيضاً: هل تعتقد بأن التوتر مضر بصحتك؟

قامت الدراسة بالاطلاع المستمر على السجلات الرسمية للوفيات لمعرفة من منهم توفي خلال فترة إجراء الدراسة.

في البداية، سأذكر بعض الأخبار السيئة:

الناس الذي ذكروا بأنهم تعرضوا لنسبة توتر عالية خلال عامهم الماضي، كان لديهم نسبة أعلى بـ 43% للوفاة!

ولكن هذه النسبة فقط انطبقت على الذين اعتقدوا بأن التوتر مضر بصحتهم!

الذين تعرضوا للتوتر ولكن لم يعتقدوا بأن التوتر مضر بصحتهم، كانوا أقل تعرضا للوفاة من جميع المشاركين في الدراسة بما فيهم الناس الذي تعرضوا لنسب ضئيلة من التوتر خلال عامهم الماضي!

كما أظهرت الدراسة أنه خلال سنوات عقدها الثمان، سجلت 183,000 حالة وفاة ليس سببها التوتر، بل بسبب الاعتقاد بأن التوتر هو سبب المصاعب الصحية! أكثر من 20,000 في السنة تقريباً! هذا يجعل الاعتقاد بأن التوتر مضر بالصحة السبب رقم 15 للوفاة على مستوى الولايات المتحدة، ويجعله أكثر من الوفاة بسرطان الجلد، الإيدز، وجرائم القتل!

تستطيعون التخيل لماذا أرعبتني هذه الدراسة! كان كل جهدي في إقناع الناس بأن التوتر مضر بصحتهم، وجعلني ذلك أتساءل: هل تغيير طريقة النظر للتوتر يجعلنا أكثر صحة؟ وهنا العلم يقول: نعم!

عندما نغير نظرة العقل للتوتر، فإن الجسم يغير من طريقة تعامله وردة فعله عند حدوث التوتر.

ولتوضيح هذه النقطة، أود منكم جميعا تخيل أنكم جزء من دراسة أثر التوتر عليكم، واسم هذه الدراسة:

اختبار التوتر الاجتماعي Social Stress Test

تحضرون للمعمل، ويأتي من يطلب منكم الحديث لمدة 5 دقائق عن نقاط ضعفكم،  أمام محللين وأخصائيين يجلسون أمامكم وللتأكد من توفير التوتر لديكم، ستكون هناك إضاءة قوية موجهة عليكم، وهناك كاميرا تسجيل مسلطة عليكم، مثل تلك التي في هذا المكان، والمحللون مدربون على إعطائكم المزيد من التوتر باستخدام حركات جسد مدروسة (عقد الذراعين، التأفف، النظرات الدونية…)

وبعد أن تبدأوا بالشعور بالمهانة، يأتي دور المرحلة الثانية وهو اختبار رياضي، والمدربون أيضا خبراء في زيادة نسبة التوتر لديكم أثناء الاختبار، وسنقوم بذلك الآن جميعا، سيكون ذلك ممتعاً .. بالنسبة لي!

أريد منكم جميعا أن تقوموا بالعد العكسي بدءا من الرقم 996 وبإنقاص 7 أرقام في كل مرة، هيا بنا .. بصوت مرتفع جميعا .. وبسرعة .. هيا .. ابدأوا…

أسرع رجاءا .. مازلتم بطيئين .. أنتم بطيئون للغاية .. توقفوا .. ذلك الشخص أخطأ في العد … سنقوم جميعا ببدأ العد من البداية هيا … يبدوا أنكم لست جيدين في هذا أليس كذلك….

إذا كنتم فعليا ضمن هذه الدراسة، فعلى الأغلب أنكم ستبدأون بالشعور بالتوتر، ستشعرون بازدياد في نبضات القلب، تزداد وتيرة التنفس، تبدأون بالتعرق المتزايد

وفي العادة نقوم بتفسير هذه الظواهر بأننا نصاب بالهلع أو نتكيف مع التوتر .. ولكن:

ماذا لو أننا تخيلنا أن الجسم يقوم بذلك لشحن طاقته لمواجهة هذا التحدي؟

وهذا بالضبط ما طلب من شريحة الدراسة التي أجريت في جامعة هارفرد قبل مشاركتهم في دراسة للتوتر الاجتماعي، حيث طلب منهم اعتبار حالة الجسد وسيلة لتوفير الطاقة المطلوبة لإنجاز التحدي.

ازدياد نبضات القلب .. يجهزك للإثارة
تنفسك السريع جيد .. فهو يقدم الأكسجين للقلب والجسم
وكانت النتائج للشريحة تلك من الدراسة مذهلة! فليس فقط أن نسبة التوتر لديهم كانت أقل من غيرهم، ولكن أيضا التغييرات الفيزيائية في أجسادهم كانت أيضا مختلفة.

في العادة، عند زيادة نبضات القلب في حال التوتر، فإن الشرايين تتضيق وهذا هو السبب الذي كان يربط بين التوتر وبين أمراض القلب والشرايين، ووجود الجسم في هذه الحالة لفترة طويلة ليس صحيا على الإطلاق .. ولكن في حالة الشريحة التي طلب منهم التفكير بأعراض التوتر على أنها إيجابية، فكانت شرايينهم طبيعية علما بأن نبضات القلب كانت مرتفعة! وهذا مشابه للحالة التي تعتري الإنسان في حالات الفرح والسعادة، أو الشجاعة!

هذا قد يعني تغيير حياتك لتعيش عمراً أطول بمشكلات صحية أقل!

كيف تنظر للتوتر .. هذا هو المهم!

وعلى ذلك فإن هدفي كخبيرة صحة نفسية تغيّر…

لم أعد أطلب منك تقليل التوتر، ولكني أريد أن تكون أفضل في وجود التوتر…

وإذا كنتم ممن رفع يده في بداية الحلقة لتعرضكم لتوتر خلال السنة الماضية، فربما ستغير هذه الحلقة حياتكم، فعلى الأغلب أنكم عندما تتعرضون مجددا للتوتر، فستتذكرون كلماتي هذه وستقولون:

هذا جسدي .. يتكيف ويتجهز لملاقات هذا التحدي الجديد

وعندما تنظرون للتوتر بهذه الطريقة، فإن الجسد سيصدقكم، وستكون ردود فعل التوتر في جسدكم صحية.

وبما أنني قضيت عقدا من الزمان أقوم بترويع الناس من مخاطر التوتر، فسنقوم بشيء آخر هذه الليلة ليساعدني في تعويض أخطائي السابقة.

سأخبركم عن أكثر ما يتم تجاهله من ردود فعل الحسد عن حدوث التوتر، والحقيقة العلمية التالية هي أن التوتر يجعلكم اجتماعيين أكثر!

ولنفهم أكثر عن هذا .. نحتاج للتكلم عن أحد الهرمونات التي يفرزها الجسم وهو هرمون أوكسيتوسين Oxytocin والذي يسمى أحيانا بهرمون (العناق) لأن الجسم يفرزهم عندما نقوم بعناق من نحب.

ولكن ذلك جزء صغير مما يقوم به هذا الهرمون.

أوكسيتوسين هو من الهرمونات العصبية، فهو يربط مستقبلات الدماغ المتعلقة بالتواصل الاجتماعي، ويحفزك على القيام بأشياء تتطلب المشاركة مع الأخرين، يعزز من تعاطفك مع الناس، يجعلك أكثر قابلية للمساعدة وتقديم الدعم للآخرين.

ونظرا لكل هذه الفوائد فهناك البعض ممن يطالبون بأن يتم (شمّ) هذا الهرمون الجميل، لجعل البشر أكثر تعاطفا ومشاركة مع بعضهم…

ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هرمون أوكسيتوسين هو من الهرمونات المرتبطة بالتوتر!

فالغدة النخامية تفرز هذا الهرمون عند وجود التوتر مثله مثل الأدرينالين الذي يتسبب بازدياد نبضات القلب، وعندما يفرز الأوكسيتوسين فإنه يحفزك على طلب المساعدة، فردود فعلك العصبية للتوتر تطلب منك أن تبوح بما تشعر به بدل أن تحبسه بداخلك وهذا أيضا يحفزك على مساعدة الآخرين ممن يبوحون لك بمشكلاتهم والمساهمة في مد يد العون لهم.

عندما يزداد توترك، فإن جسمك يطلب منك أن تحيط نفسك بأولئك الذين يهتمون بك، كيف نجعل من إفراز هذا الهرمون أمرا يساعد صحتنا؟

أوكسيتوسين ليس تأثيره مقتصرا على الدماغ، بل يؤثر على كافة الجسم، وأحد تأثيراته هو حماية الشرايين والأوعية الدموية لديك من تأثيرات التوتر، فهو مضاد طبيعي للالتهابات، ويساهم في أن تبقى الشرايين مرتخية، ولكن التأثير المفضل لدي هو تأثيره على القلب…

يوجد في قلبك مستقبلات عصبية لهذا الهرمون، وعند وصول الأوكسيتوسين لتلك المستقبلات فإنه يعطي إشارة لخلايا القلب لتقوم بالتجدد والتعافي من أي آثار سلبية للتوتر، هذا الهرمون يقوم بتقوية عضلة القلب لديك!

والجميل أن كل تلك التأثيرات المفيدة للأوكسيتوسين تزداد وتتحسن بالمشاركة الاجتماعية! فعندما نلجأ للآخرين أثناء التوتر، إما لطلب المساعدة أو لتقديمها، فستزداد استفادتنا من هذا الهرمون .. فيمر التوتر عليك بشكل أقل وطأة، وتستفيد منه صحتك أيضاً.

أجد ذلك غاية في العجب! فنظام رد الفعل للتوتر لدينا مزود بآلية مرونة، وتلك الآلية هي التواصل الانساني!

أريد أن أختم حديثي هذا بدراسة أخرى، وهي بدورها قد تساهم في إنقاذ حياة …

شارك في هذه الدراسة حوالي ألف بالغا في الولايات المتحدة وأعمارهم بين 34-93سنة

بدأت الدراسة بسؤالهم: كم حجم التوتر الذي واجهك خلال السنة الماضية؟

والسؤال الثاني: كم الوقت الذي قضيته في مساعدة الآخرين؟ أصدقاء أم محتاجين أم في خدمة المجتمع.

وتم متابعة سجلات الوفاة الرسمية خلال السنوات الخمس التي تلت الدراسة لمعرفة من توفي خلال تلك الفترة.

كل من تعرض لتوتر عال خلال عامه الماضي، سواء بسبب مشكلات مالية أو عاطفية، كانت لديه احتمالية أكبر بـ 30% لوفاته

ولكن ذلك لم ينطبق على الجميع!

كل من قام بمساعدة الآخرين، كانت النسبة صفر%!

الاهتمام والمساعدة تولد لدينا المناعة ضد المخاطر الصحية.

بالتالي: مخاطر التوتر على صحتك ليست شيئا مسلماً به، كيف تفكر.. كيف تتعامل وترد على التوتر قد يحول من توترك لشيء إيجابي في حياتك.

عندما تقرر بأن تكون ردود فعلك للتوتر شيئا إيجابياً، ستقوم بخلق بيولوجية الشجاعة بداخلك.

وعندما تقرر التواصل مع الآخرين عند التوتر، تقوم بإيجاد مرونة للتعامل معه ومع ما يتبعه.

قد لا تكون لدي الرغبة في زيادة حجم التوتر في حياتي، ولكن العلم يعطيني نظرة جديدة إيجابية لأنظر بها للتوتر.

التوتر يساعدنا في الارتباط أكثر بقلبنا، ذلك القلب الذي يتفاعل ويترابط مع الآخرين. وتلك الضربات العضلية لقلبك تعطيك القوة والطاقة، وعندما تنظر للتوتر بهذه الطريقة، فليس فقط تصبح أفضل بوجوده، ولكنك أيضا ترسل رسالة واضحة:

تستطيع أن تثق بنفسك

لتتعامل مع تحديات الحياة

والتذكر بأنه لا يجب عليك مواجهتها لوحدك

شكراً لكم.

سؤال من منظم الحلقة:

إن كان لدى الشخص الاختيار بين عملين، أحدهما به نسبة توتر أكثر من الآخر، فهل هذا يعني أن الاختيار يجب أن يكون بغض النظر عن نسبة التوتر فيهما؟

جواب المتحدثة:

المهم برأيي اختيار العمل الذي يعطيك معنى لحياتك، والقبول بأي توتر قد ينتج عن ذلك الاختيار، والتعامل معه بإيجابية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق