الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

الإخوة بنو موسى بن شاكر

ضيوفنا اليوم في شخصيات تاريخية، إخوة لم تجمعهم فقط قرابة الدم، بل جمعهم أيضا تكاتفهم وحبهم للعلم والاختراعات، أو ماكان يسمى بعلم (الحيل)

هؤلاء الإخوة هم الثلاثي أبناء موسى بن شاكر، وأمنيتي أن تتحول قصتهم لمسلسل تلفزيوني أعدكم بأنه لو نُفّذ سيكون قمة في الإثارة والتشويق

أبوهم (موسى بن شاكر) كان يعمل في قصر الخليفة المأمون، وأوصى الخليفة بأولاده بعد وفاته، فعهد بهم المأمون إلى أفضل الأساتذة والعلماء

أسماء الإخوة هي (أحمد) و(محمد) و(الحسن) واشتهروا باسم (الإخوة بنو موسى) أو (الإخوة بنو شاكر)، وبرع كل منهم في عدد من العلوم المختلفة

جمع الإخوة أموالا كثيرة، وكانت كلمتهم في الدولة لا ترد، وجمعوا حولهم علماء وأطباء ومترجمين، وكانوا يسافرون بغية شراء الكتب من كل مكان ولم يكونوا يبخلون على العلم والاختراعات بشيء، لدرجة أنهم أقاموا مرصدا فلكيا متكاملا في قصرهم ببغداد، وصار الخليفة يكلفهم بأعمال عديدة

للإخوة مباحث كثيرة، مثل مراكز الثقل، تقسيم الزوايا، وحاولوا قياس محيط وقطر الأرض بطريقة علمية تقديرية قريبة جدا من الرقم الصحيح

لهم العديد من المؤلفات، ولأتباعهم أيضا كثير من المؤلفات التي ساهموا بإعدادها وتنقيحها ودراستها، وتراجمهم عن أرخميدس ألهمت علماء كثيرين ومن مؤلفاتهم الشهيرة (كتاب الحيل) المسمى أحيانا (حيل بني موسى) والذي نقل إلى الإنجليزية ويعتبر من أوائل الكتب التي تكلمت عن حيل المكيانيكا ويضم حوالي 100 تركيب مختلف في الوسائل الميكانيكية تعد بشائر علم الروبوتات الحالي، وكان علم الميكانيك يسمى آنذاك بعلم الحيل

لم يكن لأغلب تلك (الحيل) استخدامات مفيدة، ولكنها كانت برهانا على دقة الصنع وارتفاع مستوى الذكاء والمباهاة بمستويات من المعرفة لاتضاهى

احتوت بعض حيلهم على أشكال حيوانات آلية تُخرج أصواتا صناعية مثل الثور الذي يصدر صوتا اذا ارتوى من شرب الماء، وكانت صناعته الداخلية مبهرة

ومن حيلهم أيضا، إناء يصب فيه سائلان لا يختلطان بداخله، وعند صب السائل الأول من يمينه، فإنه يخرج من يساره! وكان بدعة فنية رائعة التصنيع

وللإخوة أيضا ابتكارات لاتزال تبهر علماء هذا الزمان في فن النوافير المائية التي تغير أشكالها تلقائيا وكانوا يزينون بها قصور الخلافة

من الجدير بالذكر أن أباهم موسى بن شاكر كان قاطع طريق، نجح الخليفة المأمون بحكمته في تحويل حياته من قاطع طريق إلى عالم ذريته غيرت العالم

نعود للإخوة، لقد كان تعاونهم العلمي لايضاهيه تعاون نعرفه، فكانوا يوقعون كتبهم بـ (بنو موسى بن شاكر) وهذا قمة العمل العلمي التعاوني وكانوا يذكرون ماكان من نتاج أفكارهم واكتشافاتهم، ومالم يكن لهم فإنهم كانوا يذكرون مصدره بشفافية علمية عالية، وكانوا يتبنون النوابغ من الشباب الموهوبين، وأبرز من تبنوه العالم الفذ في علم الهندسة والفلك (ثابت بن قرة) والذي له 150 مؤلفا عربيا و10 مؤلفات بالسريانية

الحديث عن الإخوة ممتع ولا حدود له، ونطلب منكم قراءنا البحث عنهم والتعرف عليهم أكثر، ودعاؤنا لكم (دمتم بصحبة كتاب طيب) @Libraphics

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق